الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى} و{اللّه} فاعل {وعد} و{الحسنى} مفعول به ثان {واللّه} مبتدأ و{خبير} خبره و{بما تعملون} متعلقان بخبير.
فلو كان النظر الرؤية لم يطلب عليه الجزاء لأن المحبّ لا يستثيب من النظر إلى محبوبه شيئا بل يريد ذلك ويتمناه، ويدلّ على ذلك قول الآخر: وأما قوله سبحانه: {ولا ينظر إليهم يوم القيامة} فالمعنى أنه سبحانه لا ينيلهم رحمته، وقد تقول نظر إليّ فلان إذا كان ينيلك شيئا، ويقول القائل: انظر إليّ نظر اللّه إليك يريد أنلني خيرا أنالك اللّه، ونظرت فعل يستعمل وما تصرّف منه على ضروب:1- أحدها أن تريد به: نظرت إلى الشيء، فتحذف الجار وتصل الفعل، ومن ذلك ما أنشده أبو الحسن: والمعنى ينظرن إلى الأراك، فحذف الجار، ولهذا قال أبو حيان: إن النظر بمعنى الإبصار لا يتعدى بنفسه إلا في الشعر وإنما يتعدى بإلى.2- والثاني: أن تريد به تأملت وتدبرت وهو فعل غير متعدّ فمن ذلك قولهم اذهب فانظر زيدا أبو من هو، فهذا يراد به التأمّل، ومن ذلك قوله: انظر كيف ضربوا لك الأمثال، وانظر كيف فضّلنا بعضهم على بعض وقد يتعدى هذا بالجار كقوله تعالى: {أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت} فهذا حضّ على التأمل، وقد يتعدى هذا بفي نحو قوله:أفلم ينظروا في ملكوت السموات والأرض، فأما قول امرئ القيس: فيجوز أن يكون نظرت فلم تر بعينك منظرا إلى الآل أي السراب، وقد جوّز أن يعني بالنظر الرؤية على الاتّساع لأن تقليب البصر نحو المبصر تتبعه الرؤية وقد يجري على الشيء لفظ ما يتبعه ويقترن به كقولهم للمزادة راوية، وقد يكون نظرت فلم تنظر مثل تكلمت ولم تتكلم، أي لم تأت بكلام على حسب ما يراد فكذلك نظرت فلم تنظر بعينك منظرا كما تريد أو تر منظر ما يروق.3- والثالث: أن تريد به انتظرته من ذلك قوله: غير ناظرين إناه، ومثله قول الفرزدق: يريد انتظرت كما انتظرت.4- والرابع أن يكون أنظرت بمعنى انتظرت تطلب بقولك انظرني.التنفيس الذي يطلب الانتظار فمن ذلك قول عمرو بن كلثوم: ومن ذلك قوله: {فأنظرني إلى يوم يبعثون} إنما هو طلب الإمهال والتسويف وعلى ذلك قراءة حمزة أنظرونا بقطع الهمزة وكسر الظاء.{يُقْرِضُ} القرض ما تعطيه غيرك ليقضيكه فهو قطعه عن مالكه بإذنه على ضمان ردّ مثله، والعرب تقول: لي عندك قرض صدق وقرض سوء إذا فعل به خيرا أو شرّا، قال الشاعر: وسيأتي المزيد من معناه هنا في باب البلاغة.
وهو من معلقته يصف بقرة وحشية والفرج: موضع المخافة وما بين قوائم الدواب فما بين اليدين فرج وما بين الرجلين فرج، وقال ثعلب إن المولى في هذا البيت بمعنى الأولى بالشيء كقوله تعالى: {مأواكم النار هي مولاكم} أي أولى بكم، يقول: فغدت تلك البقرة وهي تحسب أن كلا فرجيها مولى المخافة أي موضعها وصاحبها أو تحسب أن كل فرج من فرجيها هو الأولى بالمخافة منه أي بأن يخاف منه، وقال الأصمعي:أراد بالمخافة الكلاب وبمولاها صاحبها أي غدت وهي لا تعرف أن الكلاب والكلاب خلفها أم أمامها فهي تظن كل جهة من الجهتين موضعا للكلاب، والضمير الذي هو اسم إن عائد إلى كلا وهو مفرد اللفظ وإن كان يتضمن معنى التثنية ويجوز حمل الكلام بعده على لفظه مرة، وعلى معناه أخرى والحمل على اللفظ أكثر وتمثيلهما كلا أخويك سبّني وكلا أخويك سبّاني وقال الشاعر: حمل أقلعا على معنى كلا وحمل رابيا على لفظه وقال اللّه عزّ وجلّ: {كلتا الجنتين قد آتت أكلها} حملا على لفظ كلتا وخلفها وأمامها خبر مبتدأ محذوف تقديره هو خلفها وأمامها ويجوز أن يكون بدلا من كلا الفرجين وتقديره فغدت كلا الفرجين خلفها وأمامها تحسب أنه مولى المخافة وحقيقة مولاكم محراكم ومقمنكم يقال هو حري أن يفعل كذا وهو قمين أن يفعله أي جدير بذلك وحقيق به أي مكانكم الذي يقال فيه هو أولى بكم كما قيل هو مئنة للكرم أي مكان لقول القائل: أنه لكريم فيكون اسم مكان لا كغيره من أسماء الأمكنة فإنها مكان للحدث بقطع النظر عمّن صدر عنه وهذا مثل للمفضل على غيره الذي هو صفته فهو ملاحظ فيه معنى أولى لأنه مشتق منه كما أن المئنة مأخوذة من إن وليست مشتقة منها ويجوز أن يراد هو ناصركم أي لا ناصر لكم إلا النار وبئس فعل ماض جامد لإنشاء الذم والمصير فاعل والمخصوص بالذم محذوف أي النار.
|